القول في تأويل قوله تعالى: بل الله مولاكم وهو خير الناصرين يعني بذلك تعالى ذكره أن الله مسددكم أيها المؤمنون، فمنقذكم من طاعة الذين كفروا. وإنما قيل: بل الله مولاكم لأن قوله: إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم نهي لهم عن طاعتهم، فكأنه قال:

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران: 150] يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّ اللَّهَ مُسَدِّدُكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَمُنْقِذُكُمْ مِنْ طَاعَةِ الَّذِينَ كَفَرُوا. وَإِنَّمَا قِيلَ: {بَلْ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ} [آل عمران: 150] لِأَنَّ قَوْلَهُ: {إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 149] نَهْي لَهُمْ عَنْ طَاعَتِهِمْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا، فَيَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ، ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَرَ، فَقَالَ: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ} [آل عمران: 150] فَأَطِيعِوهُ دُونَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ نَصْرٍ، وَلِذَلِكَ رُفِعَ اسْمُ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبًا عَلَى مَعْنَى: بَلْ أَطِيعُوا اللَّهَ مَوْلَاكُمْ دُونَ الَّذِينَ كَفَرُوا، كَانَ وَجْهًا صَحِيحًا. وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ} [آل عمران: 150] وَلِيُّكُمْ وَنَاصِرُكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، {وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران: 150] لَا مَنْ فَرَرْتُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْيَهُودِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ، فَبِاللَّهِ الَّذِي هُوَ نَاصِرُكُمْ وَمَوْلَاكُمْ فَاعْتَصِمُوا وَإِيَّاهُ فَاسْتَنْصِرُوا دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَبْغِيكُمُ الْغَوَائِلَ وَيَرْصُدُكُمْ بِالْمَكَارِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015