القول في تأويل قوله تعالى: ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين يعني بذلك جل ثناؤه: من يرد منكم أيها المؤمنون بعمله جزاء منه بعض أعراض الدنيا دون ما عند الله من الكرامة، لمن ابتغى بعمله ما عنده نؤته منها يقول:

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 145] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: مَنْ يُرِدْ مِنْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِعَمَلِهِ جَزَاءً مِنْهُ بَعْضَ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا دُونَ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْكَرَامَةِ، لِمَنِ ابْتَغَى بِعَمَلِهِ مَا عِنْدَهُ {نُؤْتِهِ مِنْهَا} [آل عمران: 145] يَقُولُ: نُعْطِهِ مِنْهَا، يَعْنِي: مِنَ الدُّنْيَا، يَعْنِي: أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْهَا مَا قُسِمَ لَهُ فِيهَا مِنْ رِزْقٍ أَيَّامَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ لَا نَصِيبُ لَهُ فِي كَرَامَةِ اللَّهِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَطَلَبَ مَا عِنْدَهُ فِي الْآخِرَةِ {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ} [آل عمران: 145] يَقُولُ: وَمَنْ يُرِدْ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ جَزَاءً مِنْهُ ثَوَابَ الْآخِرَةِ، يَعْنِي مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ كَرَامَتِهِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِلْعَامِلِينَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، {نُؤْتِهِ مِنْهَا} [آل عمران: 145] يَقُولُ: نُعْطِهِ مِنْهَا، يَعْنِي مِنَ الْآخِرَةِ؛ وَالْمَعْنَى: مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ الَّتِي خَصَّ بِهَا أَهْلَ طَاعَتِهِ فِي الْآخِرَةِ. فَخَرَجَ الْكَلَامُ عَلَى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْمَعْنَى مَا فِيهِمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015