الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يَعْنِي بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَيْسَ لَكَ يَا مُحَمَّدَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، وَلِلَّهِ جَمِيعُ مَا بَيْنَ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ مُشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا دُونَكَ وَدُونَهُمْ، يَحْكُمُ فِيهِمْ بِمَا شَاءَ، وَيَقْضِي فِيهِمْ مَا أَحَبَّ، فَيَتُوبُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ الْعَاصِينَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، ثُمَّ يَغْفِرُ لَهُ وَيُعَاقِبُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ عَلَى جُرْمِهِ، فَيَنْتَقِمُ مِنْهُ، وَهُوَ الْغَفُورُ الَّذِي يَسْتُرُ ذُنُوبَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ مِنْ خَلْقِهِ بِفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ، وَالرَّحِيمُ بِهِمْ فِي تَرْكِهِ عُقُوبَتَهُمْ عَاجِلًا عَلَى عَظِيمِ مَا يَأْتُونَ مِنَ الْمَآثِمِ