القول في تأويل قوله تعالى: قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد لهؤلاء اليهود الذين وصفت لك صفتهم، وأخبرتك أنهم إذا لقوا أصحابك، قالوا آمنا، وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ: موتوا بغيظكم الذي بكم على

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 119] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ وَصَفْتُ لَكَ صِفَتَهُمْ، وَأَخْبَرْتُكَ أَنَّهُمْ إِذَا لَقُوا أَصْحَابَكَ، قَالُوا آمَنَّا، وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ: مُوتُوا بِغَيْظِكُمُ الَّذِي بِكُمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، لِاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ، وَائْتِلَافِ جَمَاعَتِهِمْ. وَخَرَجَ هَذَا الْكَلَامُ مَخْرَجَ الْأَمْرِ، وَهُوَ دُعَاءٌ مِنَ اللَّهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِمْ بِأَنْ يُهْلِكَهُمُ اللَّهُ كَمَدًا مِمَّا بِهِمْ مِنَ الْغَيْظِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، قَبْلَ أَنْ يَرَوْا فِيهِمْ مَا يَتَمَنَّوْنَ لَهُمْ مِنَ الْعَنَتِ فِي دِينِهِمْ، وَالضَّلَالَةِ بَعْدَ هَدَاهُمْ، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: اهْلَكُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٍ بِذَاتِ الصُّدُورِ، يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذُو عِلْمٍ بِالَّذِي فِي صُدُورِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إِذَا لَقُوا الْمُؤْمِنِينَ، قَالُوا: آمَنَّا، وَمَا يَنْطَوُونَ لَهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْغِلِّ وَالْغَمِّ، وَيَعْتَقِدُونَ لَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَبِمَا فِي صُدُورِ جَمِيعِ خَلْقِهِ، حَافِظٌ عَلَى جَمِيعِهِمْ مَا هُوَ عَلَيْهِ مُنْطَوٍ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، حَتَّى يُجَازَى جَمِيعُهُمْ عَلَى مَا قَدَّمَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَاعْتَقَدَ مِنْ إِيمَانٍ وَكُفْرٍ، وَانْطَوَى عَلَيْهِ لِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ نَصِيحَةٍ أَوْ غِلٍّ وَغَمْرٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015