القول في تأويل قوله تعالى: ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون يقول تعالى ذكره: فعلنا بهم ذلك بكفرهم وقتلهم الأنبياء ومعصيتهم ربهم، واعتدائهم أمر ربهم، وقد بينا معنى الاعتداء في غير موضع فيما مضى من كتابنا بما فيه الكفاية عن إعادته، فأعلم ربنا جل ثناؤه عباده

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة: 61] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَعَلْنَا بِهِمْ ذَلِكَ بِكُفْرِهِمْ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ وَمَعْصِيَتِهِمْ رَبَّهُمْ، وَاعْتِدَائِهِمْ أَمْرَ رَبِّهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الِاعْتِدَاءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ عَنْ إِعَادَتِهِ، فَأَعْلَمَ رَبُّنَا جَلَّ ثناؤُهُ عِبَادَهُ، مَا فَعَلَ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، مِنْ إِحْلَالِ الذِّلَّةِ وَالْخِزْيِ بِهِمْ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، مَعَ مَا ادَّخَرَ لَهُمْ فِي الْأَجَلِ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَالنَّكَالِ، وَأَلِيمِ الْعَذَابِ، إِذْ تَعَدَّوْا حُدُودَ اللَّهِ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُ تَذْكِيرًا مِنْهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَهُمْ، وَتَنْبِيهًا عَلَى مَوْضِعِ الْبَلَاءِ الَّذِي مِنْ قِبَلِهِ أَتَوْا لِيُنِيبُوا وَيَذَّكَّرُوا وَعِظَةً مِنْهُ لِأُمَّتِنَا أَنْ لَا يَسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِمْ، وَيَرْكَبُوا مِنْهَاجَهُمْ، فَيُسْلَكَ بِهِمْ مَسَالِكَهُمْ، وَيُحِلَّ بِهِمْ مِنْ نِقَمِ اللَّهِ وَمَثُلَاتِهِ مَا أَحَلَّ بِهِمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015