وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى الرَّاعِيَةِ فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ: أَسَمْتُ الْمَاشِيَةَ فَأَنَا أُسِيمُهَا إِسَامَةً: إِذَا رَعَيْتُهَا الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: 10] بِمَعْنَى تَرْعَوْنَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَخْطَلِ:
[البحر الكامل]
مِثْلِ ابْنِ بَزْعَةَ أَوْ كَآخَرَ مِثْلِهِ ... أَوْلَى لَكَ ابْنَ مُسِيمَةِ الْأَجْمَالِ
يَعْنِي بِذَلِكَ رَاعِيَةَ الْأَجْمَالِ، فَإِذَا أُرِيدَ أَنَّ الْمَاشِيَةَ هِيَ الَّتِي رَعَتْ، قِيلَ: سَامَتِ الْمَاشِيَةُ تَسُومُ سَوْمًا، وَلِذَلِكَ قِيلَ: إِبِلٌ سَائِمَةٌ، بِمَعْنَى رَاعِيَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ مُسْتَفِيضٌ فِي كَلَامِهِمْ سَوَّمْتُ الْمَاشِيَةَ، بِمَعْنَى أَرْعَيْتُهَا، وَإِنَّمَا يُقَالُ إِذَا أُرِيدَ ذَلِكَ: أَسَمْتُهَا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَوْجِيهُ تَأْوِيلِ الْمُسَوَّمَةِ إِلَى أَنَّهَا الْمُعَلَّمَةُ بِمَا وَصَفْنَا مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا أَصَحُّ، وَأَمَّا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ مِنْ أَنَّهَا الْمُعَدَّةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَتَأْوِيلٌ مِنْ مَعْنَى الْمُسَوَّمَةِ بِمَعْزِلٍ