الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 4] يَقُولُ جَلَّ ثناؤُهُ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ وَرَبَّ عِيسَى وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ {الْكِتَابَ} [البقرة: 2] يَعْنِي بِالْكِتَابِ الْقُرْآنَ {بِالْحَقِّ} [البقرة: 71] يَعْنِي بِالصِّدْقِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَفِيمَا خَالَفَكَ فِيهِ مُحَاجُّوكَ مِنْ نَصَارَى أَهْلِ نَجْرَانَ، وَسَائِرِ أَهْلِ الشِّرْكِ غَيْرِهِمْ {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [البقرة: 97] يَعْنِي بِذَلِكَ الْقُرْآنَ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ لِمَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَمُحَقِّقٌ مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُ اللَّهِ مِنْ عِنْدِهِ؛ لِأَنَّ مُنَزِّلَ جَمِيعِ ذَلِكَ وَاحِدٌ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ كَانَ فِيهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ