حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] يَقُولُ: «فِي الْيَقِينِ وَالشَّكِّ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ فَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 284] مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَتُظْهِرُوهُ بَأَبْدَانِكُمْ وَجَوَارِحِكُمْ، أَوْ تُخْفُوهُ فَتُسِرُّوهُ فِي أَنْفُسِكُمْ، فَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِي، أُحَاسِبُكُمْ بِهِ، فَأَغْفِرُ كُلَّ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَأُعَذِّبُ أَهْلَ الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ فِي دِينِي. -[142]- وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ الضَّحَّاكُ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْهُ، وَعَلَى مَا قَالَهُ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، فَإِنَّ تَأْوِيلَهَا: إِنْ تُظْهِرُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَتَعْمَلُوهُ مِنَ الْمَعَاصِي، أَوْ تُضْمِرُوا إِرَادَتَهُ فِي أَنْفُسِكُمْ، فَتُخْفُوهُ، يُعْلِمُكُمْ بِهِ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ، وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ. وَأَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ فَشَبِيهٌ مَعْنَاهُ بِمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ وَهِيَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ وَوَافَقُوا الَّذِينَ قَالُوا: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمَ عِبَادَهُ مَا هُوَ فَاعِلٌ بِهِمْ فِيمَا أَبَدَوْا وَأَخْفَوْا مِنْ أَعْمَالِهِمْ، مَعْنَاهَا أَنَّ اللَّهَ مُحَاسِبٌ جَمِيعَ خَلْقِهِ بِجَمِيعِ مَا أَبَدَوْا مِنْ سَيِّئِ أَعْمَالِهِمْ، وَجَمِيعِ مَا أَسَرُّوهُ، وَمُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّ عُقُوبَتَهُ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا أَخْفَوْهُ مِمَّا لَمْ يَعْمَلُوهُ مَا يَحْدُثُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْمَصَائِبِ، وَالْأُمُورِ الَّتِي يَحْزَنُونَ عَلَيْهَا وَيَأْلَمُونَ مِنْهَا