الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةُ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283] وَهَذَا خِطَابٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ أَمَرَ الْمُسْتَدِينَ وَرَبَّ الْمَالِ بِإِشْهَادِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا، وَلَا تَكْتُمُوا أَيُّهَا الشُّهُودُ بَعْدَ مَا شَهِدْتُمْ شَهَادَتَكُمْ عِنْدَ الْحُكَّامِ، كَمَا شَهِدْتُمْ عَلَى مَا شَهِدْتُمْ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ أَجِيبُوا مَنْ شَهِدْتُمْ لَهُ إِذَا دَعَاكُمْ لِإِقَامَةِ شَهَادَتِكُمْ عَلَى خَصْمِهِ عَلَى حَقِّهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الَّذِي يَأْخُذُ لَهُ بِحَقِّهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ الشَّاهِدَ جَلَّ ثناؤُهُ مَا عَلَيْهِ فِي كِتْمَانِ شَهَادَتِهِ وَإِبَائِهِ مِنْ أَدَائِهَا وَالْقِيَامِ بِهَا عِنْدَ حَاجَةِ الْمُسْتَشْهِدِ إِلَى قِيَامِهِ بِهَا عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ ذِي سُلْطَانٍ، فَقَالَ: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا} [البقرة: 283] يَعْنِي وَمَنْ يَكْتُمْ شَهَادَتَهُ، {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] يَقُولُ: فَاجِرٌ قَلْبُهُ، مُكْتَسِبٍ بِكِتْمَانِهِ إِيَّاهَا مَعْصِيَةَ اللَّهِ