القول في تأويل قوله تعالى: إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها ثم استثنى جل ذكره مما نهاهم عنه أن يسأموه من اكتتاب كتب حقوقهم على غرمائهم بالحقوق التي لهم عليهم، ما وجب لهم قبلهم من حق عن مبايعة بالنقود الحاضرة يدا بيد،

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا} [البقرة: 282] ثُمَّ اسْتَثْنَى جَلَّ ذِكْرُهُ مِمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ أَنْ يَسْأَمُوهُ مِنَ اكْتِتَابِ كُتُبِ حُقُوقِهِمْ عَلَى غُرَمَائِهِمْ بِالْحُقُوقِ الَّتِي لَهُمْ عَلَيْهِمْ، مَا وَجَبَ لَهُمْ قِبَلَهُمْ مِنْ حَقٍّ عَنْ مُبَايَعَةٍ بِالنُّقُودِ الْحَاضِرَةِ يَدًا بِيَدٍ، فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي تَرْكِ اكْتِتَابِ الْكُتُبِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَعْنِي مِنَ الْبَاعَةِ وَالْمُشْتَرِينَ، يَقْبِضُ إِذَا كَانَ الْوَاجِبُ بَيْنَهُمْ فِيمَا يَتَبَايَعُونَهُ نَقْدًا مَا وَجَبَ لَهُ قِبَلَ مُبَايِعِيهِ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ، فَلَا حَاجَةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى اكْتِتَابِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ كِتَابًا بِمَا وَجَبَ لَهُمْ قِبَلَهُمْ وَقَدْ تَقَابَضُوا الْوَاجِبَ لَهُمْ عَلَيْهِمْ، فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282] لَا أَجَلَ فِيهَا وَلَا تَأْخِيرَ وَلَا نِسَاءَ {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا} [البقرة: 282] يَقُولُ: فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ أَلَّا تَكْتُبُوهَا، يَعْنِي التِّجَارَةَ الْحَاضِرَةَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015