الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 265] يَعْنِي بِذَلِكَ: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ أَيُّهَا النَّاسُ فِي نَفَقَاتِكُمُ الَّتِي تُنْفِقُونَهَا بَصِيرٌ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا وَلَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا شَيْءٌ يَعْلَمُ مَنِ الْمُنْفِقُ مِنْكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى وَالْمُنَفِّقُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، وَتَثْبِيتًا مِنْ نَفْسِهِ، فَيُحْصِي عَلَيْكُمْ حَتَّى يُجَازِيَ جَمِيعَكُمْ جَزَاءَهُ عَلَى عَمَلِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِهَذَا الْقَوْلِ جَلَّ ذِكْرُهُ التَّحْذِيرَ مِنْ عِقَابِهِ فِي النَّفَقَاتِ الَّتِي يُنْفِقُهَا عِبَادُهُ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ مَا قَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، أَوْ يُفَرِّطُ فِيمَا قَدْ أُمِرَ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَرْأًى مِنَ اللَّهِ وَمَسْمَعٍ، يَعْلَمُهُ وَيُحْصِيهُ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ لِخَلْقِهِ بِالْمِرْصَادِ