ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} [البقرة: 265] قَالَ: «هِيَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الَّتِي تَعْلُو فَوْقَ الْمِيَاهِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ: {أَصَابَهَا وَابِلٌ} [البقرة: 265] فَإِنَّهُ يَعْنِي جَلَّ ثناؤُهُ أَصَابَ الْجَنَّةَ الَّتِي بِالرَّبْوَةِ مِنَ الْأَرْضِ وَابِلٌ مِنَ الْمَطَرِ، وَهُوَ الشَّدِيدُ الْعَظِيمُ الْقَطْرِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: 265] فَإِنَّهُ يَعْنِي الْجَنَّةَ أَنَّهَا أُضْعِفَ ثَمَرُهَا ضِعْفَيْنِ حِينَ أَصَابَهَا الْوَابِلُ مِنَ الْمَطَرِ، وَالْأُكُلُ: هُوَ الشَّيْءُ الْمَأْكُولُ، وَهُوَ مِثْلُ الرُّعْبِ وَالْهَزْءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَأْتِي عَلَى فَعَلَ؛ وَأَمَّا الْأَكْلُ بِفَتْحِ الْأَلْفِ وَتَسْكِينِ الْكَافِ، فَهُوَ فِعْلُ الْآكِلِ، يُقَالُ مِنْهُ: أَكَلْتُ أَكْلًا، وَأَكَلْتُ أُكْلَةً وَاحِدَةً، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
وَمَا أَكْلَةٌ أَكَلْتُهَا بِغَنِيمَةٍ ... وَلَا جَوْعَةٌ إِنْ جُعْتُهَا بِغَرَامِ
فَفَتَحَ الْأَلِفَ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْفِعْلِ، وَيَدُلْكُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَلَا جَوْعَةٌ» ، وَإِنْ ضُمَّتِ الْأَلْفُ مِنَ «الْأُكْلَةِ» كَانَ مَعْنَاهُ: الطَّعَامُ الَّذِي أَكَلْتَهُ، فَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ حِينَئِذٍ: مَا طَعَامٌ أَكَلْتُهُ بِغَنِيمَةٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة: 265] فَإِنَّ الطَّلَّ: هُوَ النَّدَى وَاللَّيِّنُ مِنَ الْمَطَرِ