ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] قَالَ: صَلِّ لِرَبِّكَ وَسَلْ " وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ: {وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] وَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ بِنَحْرِكَ. وَذُكِرَ أَنَّهُ سُمِعَ بَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ: مَنَازِلُهُمْ تَتَنَاحَرُ: أَيْ هَذَا بِنَحْرِ هَذَا: أَيْ قُبَالَتَهُ. وَذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ بَنِي أَسَدٍ أَنْشَدَهُ:
[البحر الطويل]
أَبَا حَكَمٍ هَلْ أَنْتَ عَمُّ مُجَالِدٍ ... وَسَيِّدُ أَهْلِ الْأَبْطَحِ الْمُتَنَاحِرِ
أَيْ يَنْحَرُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَاجْعَلْ صَلَاتَكْ كُلَّهَا لِرَبِّكَ خَالِصًا دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ، وَكَذَلِكَ نَحْرُكَ اجْعَلْهُ لَهُ دُونَ الْأَوْثَانِ، شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَعْطَاكَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْخَيْرِ الَّذِي لَا كُفْءَ لَهُ، وَخَصَّكَ بِهِ، مِنْ إِعْطَائِهِ إِيَّاكَ الْكَوْثَرَ. وَإِنَّمَا قُلْتُ: ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَكْرَمَهُ بِهِ مِنْ عَطِيَّتِهِ وَكَرَامَتِهِ، وَإِنْعَامِهِ عَلَيْهِ بِالْكَوْثَرِ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] ، فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ خَصَّهُ بِالصَّلَاةِ لَهُ، وَالنَّحْرِ عَلَى