الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 6] بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَحَدُوا نُبُوَّتَهُ، مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ جَمِيعِهِمْ {فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [البينة: 6] يَقُولُ: مَاكِثِينَ، لَابِثِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا {أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6] ، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ، هُمْ شَرُّ مَنْ بَرَأَهُ اللَّهُ وَخَلَقَهُ؛ وَالْعَرَبُ لَا تَهْمِزُ الْبَرِيَّةَ، وَبِتَرْكِ الْهَمْزِ فِيهَا قَرَأَتْهَا قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ، غَيْرَ شَيْءٍ يُذْكَرُ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، فَإِنَّهُ حَكَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَهْمِزُهَا، وَذَهَبَ بِهَا إِلَى قَوْلِ اللَّهِ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] وَأَنَّهَا فَعِيلَةٌ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يَهْمِزُوهَا، فَإِنَّ لِتَرْكِهِمُ الْهَمْزَ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونُوا تَرَكُوا الْهَمْزَ فِيهَا، كَمَا تَرَكُوهُ مِنَ الْمَلَكِ، وَهُوَ مُفْعَلٌ مِنْ