حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} [البينة: 1] قَالَ: «لَمْ يَكُونُوا مُنْتَهِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ؛ ذَلِكَ الْمُنْفَكُّ» وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، لَمْ يَكُونُوا تَارِكِينَ صِفَةَ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِمْ، حَتَّى بُعِثَ، فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا فِيهِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُفْتَرِقِينَ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ، حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، وَهِيَ إِرْسَالُ اللَّهِ إِيَّاهُ رَسُولًا إِلَى خَلْقِهِ، رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ {مُنْفَكِّينَ} [البينة: 1] فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِنْدِي مِنَ انْفِكَاكِ الشَّيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ، وَلِذَلِكَ صَلُحَ بِغَيْرِ خَبَرٍ، وَلَوْ كَانَ بِمَعْنَى مَا زَالَ، احْتَاجَ إِلَى خَبَرٍ يَكُونُ تَمَامًا لَهُ، وَاسْتُؤْنِفَ قَوْلُهُ {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ} [البينة: 2] وَهِيَ نَكِرَةٌ عَلَى الْبَيِّنَةِ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ، كَمَا قِيلَ: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ} [البروج: 16] فَقَالَ: حَتَّى يَأْتِيَهُمْ بَيَانُ أَمْرِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، بِبَعْثِهِ اللَّهُ إِيَّاهُ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ تَرْجَمَ عَنِ الْبَيِّنَةِ، فَقَالَ: تِلْكَ الْبَيِّنَةُ، {رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} [البينة: 2] ، يَقُولُ: يَقْرَأُ صُحُفًا مَطْهَرَةً مِنَ الْبَاطِلِ، {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: 3] يَقُولُ: فِي الصُّحُفِ الْمَطْهَرَةِ كُتُبٌ مِنَ اللَّهِ قَيِّمَةٌ عَادِلَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ، لَيْسَ فِيهَا خَطَأٌ، لِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015