وَقَوْلُهُ: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} [الشمس: 14] يَقُولُ: فَكَذَّبُوا صَالِحًا فِي خَبَرِهِ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ بِهِ، مِنْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي جَعَلَ شِرْبَ النَّاقَةِ يَوْمًا، وَلَهُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، وَأَنَّ اللَّهَ يَحِلُّ بِهِمْ نِقْمَتَهُ، إِنْ هُمْ عَقَرُوهَا، كَمَا وَصَفَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَقَالَ: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ} [الحاقة: 4] وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّكْذِيبُ بِالْعَقْرِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، جَازَ تَقْدِيمُ التَّكْذِيبِ قَبْلَ الْعَقْرِ، وَالْعَقْرِ قَبْلَ التَّكْذِيبِ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ وَقَعَ عَنْ سَبَبٍ حَسُنَ ابْتِدَاؤُهُ قَبْلَ السَّبَبِ وَبَعْدَهُ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَعْطَيْتَ فَأَحْسَنْتَ، وَأَحْسَنْتَ فَأَعْطَيْتَ، لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ: هُوَ الْإِحْسَانُ، وَمِنَ الْإِحْسَانِ الْإِعْطَاءُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَقْرُ هُوَ سَبَبُ التَّكْذِيبِ، جَازَ تَقْدِيمُ أَيِّ ذَلِكَ شَاءَ الْمُتَكَلِّمُ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ: {فَكَذَّبُوهُ} [الأعراف: 64] كَلِمَةٌ مُكْتَفِيَةٌ بِنَفْسِهَا، وَأَنَّ