وقوله: إلا من تولى وكفر يتوجه لوجهين: أحدهما: فذكر قومك يا محمد، إلا من تولى منهم عنك، وأعرض عن آيات الله فكفر، فيكون قوله إلا استثناء من الذين كان التذكير عليهم، وإن لم يذكروا، كما يقال: مضى فلان، فدعا إلا من لا ترجى إجابته، بمعنى: فدعا

وَقَوْلُهُ: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} [الغاشية: 23] يَتَوَجَّهُ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فَذَكِّرْ قَوْمَكَ يَا مُحَمَّدُ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى مِنْهُمْ عَنْكَ، وَأَعْرَضَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ فَكَفَرَ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ إِلَّا اسْتِثْنَاءً مِنَ الَّذِينَ كَانَ التَّذْكِيرُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا، كَمَا يُقَالُ: مَضَى فُلَانٌ، فَدَعَا إِلَّا مَنْ لَا تُرْجَى إِجَابَتُهُ، بِمَعْنَى: فَدَعَا النَّاسَ إِلَّا مَنْ لَا تُرْجَى إِجَابَتُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} [الغاشية: 23] مُنْقَطِعًا عَمَّا قَبْلَهُ، فَيَكُونَ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ، إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ، يُعَذِّبُهُ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْقَطِعُ يُمْتَحَنُ بِأَنْ يَحْسُنَ مَعَهُ إِنْ، فَإِذَا حَسُنَتْ مَعَهُ كَانَ مُنْقَطِعًا، وَإِذَا لَمْ تَحْسُنْ كَانَ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا صَحِيحًا، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: سَارَ الْقَوْمُ إِلَّا -[343]- زَيْدًا، وَلَا يَصْلُحُ دُخُولُ إِنْ هَاهُنَا لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015