الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 18] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِمُنْكِرِي قُدْرَتِهِ عَلَى مَا وَصَفَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، مِنَ الْعِقَابِ وَالنَّكَالِ الَّذِي أَعَدَّهُ لِأَهْلِ عَدَاوَتِهِ، وَالنَّعِيمِ وَالْكَرَامَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِأَهْلِ وِلَايَتِهِ: أَفَلَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ الْمُنْكِرُونَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ، إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خَلَقَهَا، وَسَخَّرَهَا لَهُمْ وَذَلَّلَهَا، وَجَعَلَهَا تَحْمِلُ حِمْلَهَا بَارِكَةً، ثُمَّ تَنْهَضُ بِهِ، وَالَّذِي خَلَقَ ذَلِكَ غَيْرُ عَزِيزٍ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلُقَ مَا وَصَفَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ، فَيَعْتَبِرُونَ بِهَا، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي قَدَرَ بِهَا عَلَى خَلْقِهَا، لَنْ يُعْجِزَهُ خَلْقُ ما شَابَهَهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.