وَقَوْلُهُ: {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} [الغاشية: 11] يَقُولُ: لَا تَسْمَعُ هَذِهِ الْوُجُوهُ، الْمَعْنَى لِأَهْلِهَا، فِيهَا فِي الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ لَاغِيَةً. يَعْنِي بِاللَّاغِيَةِ: كَلِمَةَ لَغْوٍ. وَاللَّغْوُ: الْبَاطِلُ، فَقِيلَ لِلْكَلِمَةِ الَّتِي هِيَ لَغْوٌ لَاغِيَةٌ، كَمَا قِيلَ لِصَاحِبِ الدِّرْعِ: دَارِعٌ، وَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ: فَارِسٌ، وَلِقَائِلِ الشِّعْرِ شَاعِرٌ؛ وَكَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
[البحر الكامل]
أَغْرَرْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّ ... كَ لَابِنٌ بِالصَّيْفِ تَامِرْ
يَعْنِي: صَاحِبَ لَبَنٍ، وَصَاحِبَ تَمْرٍ. وَزَعَمَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: لَا تَسْمَعُ فِيهَا حَالِفَةً عَلَى الْكَذِبِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَاغِيَةً؛ وَلِهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَذْهَبٌ وَوَجْهٌ، لَوْلَا أَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى خِلَافِهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ خِلَافُهُمْ فِيمَا كَانُوا عَلَيْهِ مُجْمِعِينَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ