يَعْنِي: مَطَرًا بَعْدَ مَطَرٍ غَيْرَ مَحْدُودِ الْعَدَدِ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي كُلِّ جَمْعٍ لَمْ يَكُنْ بِنَاءٌ لَهُ مِنْ وَاحِدِهِ وَاثْنَيْهِ، فَجَمَعَهُ فِي جَمِيعِ الْإِنَاثِ، وَالذُّكْرَانِ بِالنُّونِ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ: عِشْرُونَ وَثَلَاثُونَ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَالَّذِي ذَكَرْنَا، فَبَيِّنٌ أَنَّ قَوْلَهُ: {لَفِي عِلِّيِّينَ} [المطففين: 18] مَعْنَاهُ: فِي عُلُوٍّ وَارْتِفَاعٍ، فِي سَمَاءٍ فَوْقَ سَمَاءٍ، وَعُلُوٍّ فَوْقَ عُلُوٍّ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَإِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِلَى قَائِمَةِ الْعَرْشِ، وَلَا خَبَرَ يَقْطَعُ الْعُذْرَ بِأَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ بَعْضُ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ فِي ذَلِكَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ كِتَابَ أَعْمَالِ الْأَبْرَارِ لَفِي ارْتِفَاعٍ إِلَى حَدٍّ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مُنْتَهَاهُ، وَلَا عِلْمَ عِنْدَنَا بِغَايَتِهِ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْصُرُ عَنِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنْ أَهْلِ الْتَأْوِيلِ عَلَى ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015