وَقَوْلُهُ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المطففين: 14] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُكَذِّبًا لَهُمْ فِي قِيلِهِمْ ذَلِكَ: كَلَّا، مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ يَقُولُ: غَلَبَ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَغَمَرَهَا، وَأَحَاطَتْ بِهَا الذُّنُوبُ فَغَطَّتْهَا؛ يُقَالُ مِنْهُ: رَانَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَقْلِهِ، فَهِيَ تَرِينُ عَلَيْهِ رَيْنًا، وَذَلِكَ إِذَا سَكِرَ، فَغَلَبَتْ عَلَى عَقْلِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي زُبَيْدٍ الطَّائِيِّ:
[البحر الخفيف]
ثُمَّ لَمَّا رَآهُ رَانَتْ بِهِ الْخَمْـ ... ـرُ وَأَنْ لَا تَرِينَهُ بِاتِّقَاءِ
يَعْنِي تَرِينَهُ بِمَخَافَةٍ، يَقُولُ: سَكِرَ فَهُوَ لَا يَنْتَبِهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
[البحر الرجز]
لَمْ نَرْوَ حَتَّى هَجَّرَتْ وَرِينَ بِي ... وَرِينَ بِالسَّاقِي الَّذِي أَمْسَى مَعِي
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ، وَجَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ