الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الْوَادِي الَّذِي يَسِيلُ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ جَهَنَّمَ فِي أَسْفَلِهَا لِلَّذِينَ يُطَفِّفُونَ، يَعْنِي: لِلَّذِينَ يَنْقُصُونَ النَّاسَ، وَيَبْخَسُونَهُمْ حُقُوقَهُمْ فِي مَكَايِيلِهِمْ إِذَا كَالُوهُمْ، أَوْ مَوَازِينِهِمْ إِذَا وَزَنَوْا لَهُمْ عَنِ الْوَاجِبِ لَهُمْ مِنَ الْوَفَاءِ؛ وَأَصْلُ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْءِ الطَّفِيفِ، وَهُوَ الْقَلِيلُ النَّزْرُ، وَالْمُطَفِّفُ: الْمُقَلِّلُ حَقَّ صَاحِبِ الْحَقِّ عَمَّا لَهُ مِنَ الْوَفَاءِ وَالتَّمَامِ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْقَوْمِ الَّذِي يَكُونُونَ سَوَاءً فِي حِسْبَةٍ أَوْ عَدَدٍ: هُمْ سَوَاءٌ كَطَفِّ الصَّاعِ، يَعْنِي بِذَلِكَ: كَقُرْبِ الْمُمْتَلِئِ مِنْهُ نَاقِصٌ عَنِ الْمِلْءِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ