وَقَوْلُهُ: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 46] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: كَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالسَّاعَةِ، يَوْمَ يَرَوْنَ أَنَّ السَّاعَةَ قَدْ قَامَتْ، مِنْ عَظِيمِ هَوْلِهَا، لَمْ يَلْبَثُوا فِي الدُّنْيَا إِلَّا عَشِيَّةَ يَوْمٍ، أَوْ ضُحَى تِلْكَ الْعَشِيَّةِ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: آتِيَكَ الْعَشِيَّةَ أَوْ غَدَاتَهَا، وَآتِيكَ الْغَدَاةَ أَوْ عَشِيَّتَهَا، فَيَجْعَلُونَ مَعْنَى الْغَدَاةِ، بِمَعْنَى أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالْعَشِيَّةُ: آخِرُ النَّهَارِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 46] إِنَّمَا مَعْنَاهَا إِلَّا آخِرَ يَوْمٍ أَوْ أَوَّلَهُ، وَيُنْشَدُ هَذَا الْبَيْتُ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ صَبَحْنَا عَامِرًا فِي دَارِهَا ... عَشِيَّةَ الْهِلَالِ أَوْ سِرَارِهَا
يَعْنِي: عَشِيَّةَ الْهِلَالِ، أَوْ عَشِيَّةَ سِرَارِ الْعَشِيَّةِ