حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْبَيْتَ قَبْلَ الْأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ، وَمِنْهُ دُحِيَتِ الْأَرْضُ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَالْأَرْضَ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا، وَقَالُوا: الْأَرْضُ خُلِقَتْ وَدُحِيَتْ قَبْلَ السَّمَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ} قَالُوا: فَأَخْبَرَ اللَّهُ، أَنَّهُ سَوَّى السَّمَاوَاتِ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا، قَالُوا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] إِلَّا مَا ذَكَرْنَا، مِنْ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا، قَالُوا: وَذَلِكَ كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13] بِمَعْنَى: مَعَ ذَلِكَ زَنِيمٍ، وَكَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ: أَنْتَ أَحْمَقُ، وَأَنْتَ بَعْدَ هَذَا لَئِيمُ الْحَسَبِ، بِمَعْنَى: مَعَ هَذَا، وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] أَيْ مِنْ قَبْلِ الذِّكْرِ، وَاسْتُشْهِدَ بِقَوْلِ الْهُذَلِيِّ:
[البحر الطويل]
-[94]- حَمِدْتُ إِلَهِي بَعْدَ عُرْوَةَ إِذْ نَجَا ... خِرَاشٌ وَبَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
وَزَعَمُوا أَنَّ خِرَاشًا نَجَا قَبْلَ عُرْوَةَ