وَقَوْلُهُ: {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِذَا هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ، الْمُتَعَجِّبُونَ مِنْ إِحْيَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ مِنْ بَعْدِ مَمَاتِهِمْ، تَكْذِيبًا مِنْهُمْ بِذَلِكَ، بِالسَّاهِرَةِ، يَعْنِي بِظَهْرِ الْأَرْضِ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْفَلَاةَ وَوَجْهَ الْأَرْضِ: سَاهِرَةً، وَأُرَاهُمْ سَمَّوْا ذَلِكَ بِهَا، لِأَنَّ فِيهِ نَوْمَ الْحَيَوَانِ وَسَهَرَهَا، فَوُصِفَ بِصِفَةِ مَا فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ الصَّلْتِ:
[البحر الوافر]
وَفِيهَا لَحْمُ سَاهِرَةٍ وَبَحْرٍ ... وَمَا فَاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ
وَمِنْهُ قَوْلُ أَخِي نَهْمٍ يَوْمَ ذِي قَارٍ لِفَرَسِهِ:
[البحر الرجز]
أَقْدِمْ مِحَاجُ إِنَّهَا الْأَسَاوِرَهْ ... وَلَا يَهُولَنَّكَ رِجْلٌ نَادِرَهْ
-[75]- فَإِنَّمَا قَصْرُكَ تُرْبُ السَّاهِرَهْ ... ثُمَّ تَعُودُ بَعْدَهَا فِي الْحَافِرَهْ
مِنْ بَعْدِ مَا كُنْتَ عِظَامًا نَاخِرَهْ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ فِي مَعْنَاهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ مِثْلَ الَّذِي قُلْنَا