وقوله: لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا يقول تعالى ذكره: لا يسمعون في الجنة لغوا، يعني باطلا من القول، ولا كذابا، يقول: ولا مكاذبة، أي لا يكذب بعضهم بعضا وقرأت القراء في الأمصار بتشديد الذال على ما بينت في قوله: وكذبوا بآياتنا كذابا سوى الكسائي فإنه

وَقَوْلُهُ: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا} [النبأ: 35] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَا يَسْمَعُونَ فِي الْجَنَّةِ لَغْوًا، يَعْنِي بَاطِلًا مِنَ الْقَوْلِ، وَلَا كِذَّابًا، يَقُولُ: وَلَا مُكَاذَبَةً، أَيْ لَا يُكَذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَقَرَأَتِ الْقُرَّاءُ فِي الْأَمْصَارِ بِتَشْدِيدِ الذَّالِ عَلَى مَا بَيَّنْتُ فِي قَوْلِهِ: {وَكَذَّبُوا -[43]- بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} [النبأ: 28] سِوَى الْكِسَائِيِّ فَإِنَّهُ خَفَّفَهَا لِمَا وَصَفْتُ قَبْلُ، وَالتَّشْدِيدُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ التَّخْفِيفِ، وَبِالتَّشْدِيدِ الْقِرَاءَةُ، وَلَا أَرَى قِرَاءَةَ ذَلِكَ بِالتَّخْفِيفِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى خِلَافِهِ؛ وَمِنَ التَّخْفِيفِ قَوْلُ الْأَعْشَى:

[البحر الكامل]

فَصَدَقْتُهَا وَكَذَبْتُهَا ... وَالْمَرْءُ يَنْفَعُهُ كِذَابُهُ

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْتَأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015