القول في تأويل قوله تعالى: ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا يعني تعالى ذكره بقوله: ودانية عليهم ظلالها وقربت منهم ظلال أشجارها. ولنصب دانية أوجه: أحدها: العطف به على قوله: متكئين فيها. والثاني:

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} [الإنسان: 15] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} [الإنسان: 14] وَقَرُبَتْ مِنْهُمْ ظِلَالُ أَشْجَارِهَا. وَلِنَصْبِ {دَانِيَةً} [الأنعام: 99] أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: الْعَطْفُ بِهِ عَلَى قَوْلِهِ: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا} [الكهف: 31] . وَالثَّانِي: الْعَطْفُ بِهِ عَلَى مَوْضِعِ قَوْلِهِ: {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا} [الإنسان: 13] لِأَنَّ مَوْضِعَهُ نَصْبٌ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ: مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ، غَيْرَ رَائِينَ فِيهَا شَمْسًا. وَالثَّالِثُ: نَصْبُهُ عَلَى الْمَدْحِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ، وَدَانِيَةً بَعْدُ عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا، كَمَا يُقَالُ: عِنْدَ فُلَانٍ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ، وَشَابَّةٌ بَعْدُ طَرِيَّةٌ، تُضْمِرُ مَعَ هَذِهِ الْوَاوِ فِعْلًا نَاصِبًا لِلشَّابَّةِ، إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَدْحُ، وَلَمْ يُرَدْ بِهِ النَّسَقُ؛ وَأُنِّثَتْ دَانِيَةٌ لِأَنَّ الظِّلَالَ جَمْعٌ. وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بِالتَّذْكِيرِ: «وَدَانِيًا عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا» وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُتَقَدِّمٌ، وَهِيَ فِي قِرَاءَةٍ فِيمَا بَلَغَنِي: «وَدَانٍ» رُفِعَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015