القول في تأويل قوله تعالى: إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا يعني جل ثناؤه بقوله: إنا هديناه السبيل إنا بينا له طريق الجنة، وعرفناه سبيله، إن شكر، أو كفر. وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى، كانت إما وإما

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا} [الإنسان: 4] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الإنسان: 3] إِنَّا بَيَّنَّا لَهُ طَرِيقَ الْجَنَّةِ، وَعَرَّفْنَاهُ سَبِيلَهُ، إِنْ شَكَرَ، أَوْ كَفَرَ. وَإِذَا وُجِّهَ الْكَلَامُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى، كَانَتْ إِمَّا وَإِمَّا فِي مَعْنَى الْجَزَاءِ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ {إِمَّا} [الأعراف: 35] وَإِمَّا بِمَعْنَى وَاحِدٍ، كَمَا قَالَ: {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 106] فَيَكُونُ قَوْلُهُ: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: 3] حَالًا مِنَ الْهَاءِ الَّتِي فِي هَدَيْنَاهُ؛ فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ إِذَا وُجِّهَ ذَلِكَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ، إِمَّا شَقِيًّا وَإِمَّا سَعِيدًا. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْبَصْرَةِ يَقُولُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ} [مريم: 75] كَأَنَّكَ لَمْ تَذْكُرْ إِمَّا؛ قَالَ: وَإِنْ شِئْتَ ابْتَدَأْتَ مَا بَعْدَهَا فَرَفَعْتَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015