القول في تأويل قوله تعالى: هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا يعني جل ثناؤه بقوله: هل أتى على الإنسان قد أتى على الإنسان؛ وهل في هذا الموضع خبر لا جحد، وذلك كقول القائل لآخر

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 2] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان: 1] قَدْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ؛ وَهَلْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خَبَرُ لَا جَحْدٍ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِآخَرَ يُقَرِّرُهُ: هَلْ أَكْرَمْتُكَ؟ وَقَدْ أَكْرَمَهُ؛ أَوْ هَلْ زُرْتُكَ؟ وَقَدْ زَارَهُ؛ وَقَدْ تَكُونُ جَحْدًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِآخَرَ: هَلْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا أَحَدٌ؟ بِمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدٌ. وَالْإِنْسَانُ الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1] هُوَ آدَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015