القول في تأويل قوله تعالى: كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة كلا بل لا يخافون الآخرة يقول تعالى ذكره: فما لهؤلاء المشركين بالله عن التذكرة معرضين، مولين عنها تولية الحمر المستنفرة فرت من قسورة. واختلف القراء في

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ} [المدثر: 51] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَا لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ، مُوَلِّينَ عَنْهَا تَوْلِيَةَ الْحُمُرِ الْمُسْتَنْفِرَةِ {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 51] . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {مُسْتَنْفِرَةٍ} [المدثر: 50] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ -[455]- الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ بِكَسْرِ الْفَاءِ، وَفِي قِرَاءَةِ بَعْضِ الْمَكِّيِّينَ أَيْضًا بِمَعْنَى نَافِرَةٍ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا، أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ، صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ. وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ: الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَانِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَأَنْشَدَ:

أَمْسِكَ حِمَارَكَ إِنَّهُ مُسْتَنْفِرٌ ... فِي إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمِدْنَ لِغُرَّبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015