فَإِنَّهُمْ يَفْتَحُونَ جَمِيعَ مَا فِي آخِرِ سُورَةِ النَّجْمِ وَأَوَّلِ سُورَةِ الْجِنِّ إِلَّا قَوْلَهُ {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا} [الجن: 1] وَقَوْلَهُ: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} [الجن: 20] وَمَا بَعْدَهُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، وَأَنَّهُمْ يَكْسِرُونَ ذَلِكَ غَيْرَ قَوْلِهِ: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} [الجن: 28] وَأَمَّا عَاصِمٌ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْسِرُ جَمِيعَهَا إِلَّا قَوْلَهُ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] فَإِنَّهُ كَانَ يَفْتَحُهَا، وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْسِرُ جَمِيعَهَا إِلَّا قَوْلَهُ: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} فَإِنَّهُ كَانَ يَفْتَحُ هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا؛ فَأَمَّا الَّذِينَ فَتَحُوا جَمِيعَهَا إِلَّا فِي مَوْضِعِ الْقَوْلِ، كَقَوْلِهِ: {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا} [الجن: 1] وَقَوْلِهِ: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} [الجن: 20] وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ عَطَفُوا أَنَّ فِيَ كُلِّ السُّورَةِ عَلَى قَوْلِهِ فَآمَنَّا بِهِ وَآمَنَّا بِكُلِّ ذَلِكَ، فَفَتَحُوهَا بِوُقُوعِ الْإِيمَانِ عَلَيْهَا. وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ: لَا يَمْنَعَنَّكِ أَنْ تَجِدَ الْإِيمَانَ يُقَبَّحُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ مِنَ الْفَتْحِ، وَأَنَّ الَّذِي يُقَبَّحُ مَعَ ظُهُورِ الْإِيمَانِ قَدْ يَحْسُنُ فِيهِ فِعْلٌ مُضَارَعٌ لِلْإِيمَانِ، فَوَجَبَ فَتْحُ أَنَّ كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ:
[البحر الوافر]