القول في تأويل قوله تعالى: قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا يقول تعالى ذكره: قال نوح لما بلغ قومه رسالة ربه، أو أنذرهم ما أمره به أن

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح: 6] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ نُوحٌ لَمَّا بَلَّغَ قَوْمَهُ رِسَالَةَ رَبِّهِ، أَوْ أَنْذَرَهُمْ مَا أَمَرَهُ بِهِ أَنْ -[291]- يُنْذِرَهُمُوهُ فَعَصَوْهُ، وَرَدُّوا عَلَيْهِ مَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ: {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} [نوح: 5] إِلَى تَوْحِيدِكَ وَعِبَادَتِكَ، وَحَذَّرْتُهُمْ بَأْسَكَ وَسَطْوَتَكَ. {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} [نوح: 6] يَقُولُ: فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِيَّاهُمْ إِلَى مَا دَعْوَتَهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي أَرْسَلَتْنِي بِهِ لَهُمْ {إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 13] يَقُولُ: إِلَّا إِدْبَارًا عَنْهُ وَهَرَبَا مِنْهُ وَإِعْرَاضًا عَنْهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015