الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 22] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَالَّذِي وَصَفْتُ أَمْرَهُ، وَهُوَ الَّذِي أُوتِي كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، فِي عِيشَةٍ مَرْضِيَّةٍ، أَوْ عِيشَةٍ فِيهَا الرِّضَا، فَوُصِفَتِ الْعِيشَةُ بِالرِّضَا وَهِيَ مَرْضِيَّةٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَدْحٌ لِلْعِيشَةِ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ فَتَقُولُ: هَذَا لَيْلٌ نَائِمٌ، وَسِرٌّ كَاتِمٌ، وَمَاءٌ دَافِقٌ، فَيُوَجِّهُونَ الْفِعْلَ إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَفْعُولٌ لِمَا يُرَادُ مِنَ الْمَدْحِ أَوِ الذَّمِّ، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلضَّارِبِ مَضْرُوبٌ، وَلَا لِلْمَضْرُوبِ ضَارِبٌ، لِأَنَّهُ لَا مَدْحَ فِيهِ وَلَا ذَمٌّ.