القول في تأويل قوله تعالى: الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة كذبت ثمود وعاد بالقارعة يقول تعالى ذكره: الساعة الحاقة التي تحق فيها الأمور، ويجب فيها الجزاء على الأعمال. ما الحاقة يقول: أي شيء الساعة الحاقة. وذكر عن العرب أنها تقول: لما عرف

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ} [الحاقة: 2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: السَّاعَةُ الْحَاقَّةُ الَّتِي تَحِقُّ فِيهَا الْأُمُورُ، وَيَجِبُ فِيهَا الْجَزَاءُ عَلَى الْأَعْمَالِ. {مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 2] يَقُولُ: أَيُّ شَيْءٍ السَّاعَةُ الْحَاقَّةُ. وَذُكِرَ عَنِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَقُولُ: لَمَّا عَرَّفَ الْحَاقَّةَ مَتَى وَالْحَقَّةُ مَتَى، وَبِالْكَسْرِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي اللُّغَاتِ الثَّلَاثِ، وَتَقُولُ: وَقَدْ حَقَّ عَلَيْهِ الشَّيْءُ إِذَا وَجَبَ، فَهُوَ يَحِقُّ حُقُوقًا. وَالْحَاقَّةُ الْأُولَى مَرْفُوعَةٌ بِالثَّانِيَةِ، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ بِمَنْزِلَةِ الْكِنَايَةِ عَنْهَا، كَأَنَّهُ عَجِبَ مِنْهَا، فَقَالَ: الْحَاقَّةُ: مَا هِيَ؟ كَمَا يُقَالَ: زَيْدٌ مَا زَيْدٌ. وَالْحَاقَّةُ الثَّانِيَةُ مَرْفُوعَةٌ بِمَا، وَمَا بِمَعْنَى أَيُّ، وَمَا رُفِعَ بِالْحَاقَّةِ الثَّانِيَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: 27] ، وَ {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1] فَمَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالْقَارِعَةِ الثَّانِيَةِ وَالْأُولَى بِجُمْلَةِ الْكَلَامِ بَعْدَهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: {الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015