وَقَوْلُهُ: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيِهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: 54] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الَّذِي فَعَلَ تَعَالَى ذِكْرُهُ مِنْ بَعَثَتِهِ فِي الْأُمِّيِّينَ مِنَ الْعَرَبِ، وَفِي آخَرِينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ، وَيَفْعَلُ سَائِرَ مَا وَصَفَ، فَضْلُ اللَّهِ تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ {يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 73] يَقُولُ: يُؤْتِي فَضْلَهُ ذَلِكَ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، لَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ مِمَّنْ حَرَمَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ حَقًّا كَانَ لَهُ قَبْلَهُ وَلَا ظَلَمَهُ فِي صَرْفِهِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَكِنَّهُ عَلِمَ مَنْ هُوَ لَهُ أَهْلٌ، فَأَوْدَعَهُ إِيَّاهُ، وَجَعَلَهُ عِنْدَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.