وقوله: تلقون إليهم بالمودة يقول جل ثناؤه: تلقون إليهم مودتكم إياه. ودخول الباء في قوله: بالمودة وسقوطها سواء، نظير قول القائل: أريد بأن تذهب، وأريد أن تذهب سواء، وكقوله: ومن يرد فيه بإلحاد بظلم والمعنى: ومن يرد فيه إلحادا بظلم؛ ومن ذلك قول

وَقَوْلُهُ: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: تُلْقَوْنَ إِلَيْهِمْ مَوَدَّتَكُمْ إِيَّاهُ. وَدُخُولُ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: {بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1] وَسُقُوطُهَا سَوَاءٌ، نَظِيرُ قَوْلِ الْقَائِلِ: أُرِيدُ بِأَنْ تَذْهَبَ، وَأُرِيدُ أَنْ تَذْهَبَ سَوَاءٌ، وَكَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25] وَالْمَعْنَى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ إِلْحَادًا بِظُلْمٍ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

[البحر الطويل]

فَلَمَّا رَجَتْ بِالشُّرْبِ هَزَّ لَهَا الْعَصَا ... شَحِيحٌ لَهُ عِنْدَ الْإِزَاءِ نَهِيمُ

بِمَعْنَى: فَلَمَّا رَجَتِ الشُّرْبَ -[558]-. {وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1] يَقُولُ: وَقَدْ كَفَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوهُمُ أَوْلِيَاءَ بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ الْحَقِّ، وَذَلِكَ كُفْرُهُمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015