القول في تأويل قوله تعالى: فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون يقول تعالى ذكره: فكان عقبى أمر الشيطان والإنسان الذي أطاعه، فكفر بالله

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [الحشر: 17] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَكَانَ عُقْبَى أَمْرِ الشَّيْطَانِ وَالْإِنْسَانِ الَّذِي أَطَاعَهُ، فَكَفَرَ بِاللَّهِ أَنَّهُمَا خَالِدَانِ فِي النَّارِ مَاكِثَانِ فِيهَا أَبَدًا {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 29] يَقُولُ: وَذَلِكَ ثَوَابُ الْيَهُودِ مِنَ النَّضِيرِ وَالْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَعَدُوهُمُ النُّصْرَةَ، وَكُلِّ كَافِرٍ بِاللَّهِ ظَالِمٍ لِنَفْسِهِ عَلَى كُفْرِهِ بِهِ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ مُخَلَّدُونَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ قَوْلِهِ: {خَالِدَيْنِ فِيهَا} [البقرة: 162] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّ الْبَصْرَةِ: نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَفِي النَّارِ خَبَرٌ؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ فِي الْكَلَامِ لَكَانَ الرَّفْعُ أَجْوَدَ فِي {خَالِدَيْنِ} [البقرة: 162] قَالَ: وَلَيْسَ قَوْلُهُمْ: إِذَا جِئْتَ مَرَّتَيْنِ فَهُوَ نَصْبٌ لِشَيْءٍ، إِنَّمَا فِيهَا تَوْكِيدُ جِئْتَ بِهَا أَوْ لَمْ تَجِئْ بِهَا فَهُوَ سَوَاءٌ، إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ كَثِيرًا مَا تَجْعَلُهُ حَالًا إِذَا كَانَ فِيهَا لِلتَّوْكِيدِ وَمَا أَشْبَهَهُ فِي غَيْرِ مَكَانٍ؛ قَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [البينة: 6] . وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «فَكَانَ عَاقِبَتُهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِي النَّارِ» . قَالَ: «وَفِي أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدِينَ»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015