أَبِي عَمْرٍو: {يُخْرِبُونَ} [الحشر: 2] بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، بِمَعْنَى: يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَيَتْرُكُونَهَا مُعَطَّلَةً خَرَابًا، وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو يَقْرَأُ ذَلِكَ (يُخَرِّبُونَ) بِالتَّشْدِيدِ فِي الرَّاءِ بِمَعْنَى يَهْدِمُونَ بُيُوتَهُمْ. وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَأانِ ذَلِكَ نَحْوَ قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو. وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ إِنَّمَا اخْتَارَ التَّشْدِيدَ فِي الرَّاءِ لَمَا ذَكَرْتُ مِنْ أَنَّ الْإِخْرَابَ: إِنَّمَا هُوَ تَرْكُ ذَلِكَ خَرَابًا بِغَيْرِ سَاكِنٍ، وَإِنَّ بَنِي النَّضِيرِ لَمْ يَتْرُكُوا مَنَازِلَهُمْ، فَيَرْتَحِلُوا عَنْهَا، وَلَكِنَّهُمْ خَرَّبُوهَا بِالنَّقْضِ وَالْهَدْمِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ فِيمَا قَالَ إِلَّا بِالتَّشْدِيدِ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ بِالتَّخْفِيفِ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهِ. وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يَقُولُ: التَّخْرِيبُ وَالْإِخْرَابُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي اخْتِلَافِ اللَّفْظِ لَا اخْتِلَافٍ فِي الْمَعْنَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015