حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] وَذَلِكَ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ الصَّامِتِ امْرَأَةٌ -[450]- مِنَ الْأَنْصَارِ ظَاهَرَ مِنْهَا زَوْجُهَا، فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ ظَهْرِ أُمِّي. فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي كَانَ تَزَوَّجَنِي، وَأَنَا أَحَبُّ، حَتَّى إِذَا كَبِرْتُ وَدَخَلْتُ فِي السِّنِّ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ ظَهْرِ أُمِّي، فَتَرَكَنِي إِلَى غَيْرِ أَحَدٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَجِدُ لِي رُخْصَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ تُنْعِشُنِي وَإِيَّاهُ بِهَا فَحَدِّثْنِي بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أُمِرْتُ فِي شَأْنِكِ بِشَيْءٍ حَتَّى الْآنَ، وَلَكِنِ ارْجِعِي إِلَى بَيْتِكِ، فَإِنْ أُومَرْ بِشَيْءٍ لَا أُغْمِمْهُ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» . فَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابِ رُخْصَتَهَا وَرُخْصَةَ زَوْجِهَا: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 104] فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَوْجِهَا؛ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَرَدْتَ إِلَى يَمِينِكَ الَّتِي أَقْسَمْتَ عَلَيْهَا؟» فَقَالَ: وَهَلْ لَهَا كَفَّارَةٌ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً؟» قَالَ: إِذًا يَذْهَبُ مَالِي كُلُّهُ، الرَّقَبَةُ غَالِيَةٌ وَأَنَا قَلِيلُ الْمَالِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنِّي آكُلُ فِي الْيَوْمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِكُلِّ بَصَرِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنْ تُعِينَنِي عَلَى ذَلِكَ بِعَوْنٍ وَصَلَاةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي مُعِينُكَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَأَنَا دَاعٍ لَكَ بِالْبَرَكَةِ» فَأَصْلَحْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا. قَالَ: وَجَعَلَ فِيهِ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ لِمَنْ كَانَ مُوسِرًا لَا يُكَفِّرُ عَنْهُ إِلَّا تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ إِذَا كَانَ مُوسِرًا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، لَا يَصْلُحُ لَهُ إِلَّا الصَّوْمُ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا، إِلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ، -[451]- فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ الْجِمَاعِ