ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: جَاءَ عِتْرِيسُ بْنُ عُرْقُوبٍ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلَكَ مَنْ لَمْ يَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " هَلَكَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ قَلْبُهُ مَعْرُوفًا، وَلَمْ يُنْكِرْ قَلْبُهُ مُنْكَرًا، إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ، وَقَسَتْ قُلُوبُهُمُ اخْتَرَعُوا كِتَابًا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ، اسْتَهْوَتْهُ قُلُوبُهُمْ، وَاسْتَحَلَّتْهُ أَلْسِنَتُهُمْ، وَقَالُوا: نَعْرِضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ، فَمَنْ آمَنَ بِهِ تَرَكْنَاهُ، وَمَنْ كَفَرَ بِهِ قَتَلْنَاهُ؛ قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ كِتَابَ اللَّهِ فِي قَرْنٍ، ثُمَّ جَعَلَ الْقَرْنَ بَيْنَ ثَنْدُوَتَيْهِ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِهَذَا؟ قَالَ: آمَنْتُ بِهِ، وَيُومِئ إِلَى الْقَرْنِ الَّذِي بَيْنَ ثَنْدُوَتَيْهِ، وَمَا لِي لَا أُومِنُ بِهَذَا الْكِتَابِ، فَمِنْ خَيْرِ مِلَلِهِمُ الْيَوْمَ مِلَّةُ صَاحِبِ الْقَرْنِ " وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} [الحديد: 16] مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ الْأَمَدُ الزَّمَانُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ