نَصِيبٌ وَلَا فِعْلٌ وَالثَّالِثُ: الَّذِي قَبَّحَ اللَّهُ هَوَاهُ بِعِلْمِهِ، فَلَا يَطْمَعُ هَوَاهُ أَنْ يَغْلِبَ الْعِلْمَ، وَلَا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ نِصْفٌ وَلَا نَصِيبٌ، فَهَذَا الثَّالِثُ، وَهُوَ خَيْرُهُمْ كُلِّهِمْ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} [الواقعة: 7] قَالَ: فَزَوْجَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَزَوْجٌ فِي النَّارِ قَالَ: وَالسَّابِقُ الَّذِي يَكُونُ الْعِلْمُ غَالِبًا لِلْهَوَى، وَالْآخَرُ: الَّذِي خَتَمَ اللَّهُ بِإِدَالَةِ الْعِلْمِ عَلَى الْهَوَى، فَهَذَانِ زَوْجَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَالْآخَرُ: هَوَاهُ قَاهِرٌ لِعِلْمِهِ، فَهَذَا زَوْجُ النَّارِ " وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الرَّافِعِ أَصْحَابَ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابَ الْمَشْأَمَةِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: خَبَرُ قَوْلِهِ: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [الواقعة: 9] قَالَ: وَيَقُولُ زَيْدٌ: مَا زَيْدٌ، يُرِيدُ: زَيْدٌ شَدِيدٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: قَوْلُهُ: {مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} [الواقعة: 8] لَا تَكُونُ الْجُمْلَةُ خَبَرُهُ، وَلَكِنْ الثَّانِي عَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ تَعَجُّبٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا هُمْ، وَالْقَارِعَةُ مَا هِيَ، وَالْحَاقَّةَ مَا هِيَ؟ فَكَانَ الثَّانِي عَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ، وَكَانَ تَعَجُّبًا، وَالتَّعَجُّبُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ، وَلَوْ كَانَ اسْتِفْهَامًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِلِابْتِدَاءِ، لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَا يَكُونُ خَبَرًا، وَالْخَبَرُ لَا يَكُونُ اسْتِفْهَامًا، وَالتَّعَجُّبُ يَكُونُ خَبَرًا، فَكَانَ خَبَرًا لِلِابْتِدَاءِ وَقَوْلُهُ: زَيْدٌ وَمَا زَيْدٌ، لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ كَلَامَيْنِ، لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُ الْوَاوُ فِي خَبَرِ الِابْتِدَاءِ، كَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا زَيْدٌ وَمَا هُوَ: أَيْ مَا أَشَدَّهُ وَمَا أَعْلَمَهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنِيِّينَ بِقَوْلِهِ: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة: 10] فَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015