عَنْ ضَيْفِهِ، طَمَسَ اللَّهُ أَعْيُنَهُمْ، فَكَانَ يَنْهَاهُمْ عَنْ عَمَلِهِمُ الْخَبِيثِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَتْرُكُ عَمَلَنَا فَإِيَّاكَ أَنْ تُنْزِلَ أَحَدًا أَوْ تُضَيِّفَهُ، أَوْ تَدَعَهُ يَنْزِلُ عَلَيْكَ، فَإِنَّا لَا نَتْرُكُهُ وَلَا نَتْرُكُ عَمَلَنَا. قَالَ: فَلَمَّا جَاءَهُ الْمُرْسَلُونَ خَرَجْتِ امْرَأَتُهُ الشَّقِيَّةُ مِنَ الشِّقِّ، فَأَتَتْهُمْ فَدَعَتْهُمْ، وَقَالَتْ لَهُمْ: تَعَالَوْا فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ قَوْمٌ لَمْ أَرْ قَطُّ أَحْسَنَ وُجُوهًا مِنْهُمْ، وَلَا أَحْسَنَ ثِيَابًا، وَلَا أَطْيَبَ أَرْوَاحًا مِنْهُمْ قَالَ: فَجَاءُوهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي، قَالُوا: أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ؟ أَلَيْسَ قَدْ تَقَدَّمْنَا إِلَيْكَ وَأَعْذَرْنَا فِيمَا بَيْنَنَا بَيْنَكَ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهُرُ لَكُمْ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا يَهُولَكَ مِنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: أَمَا تَرَى مَا يُرِيدُونَ؟ فَقَالَ: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ، لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ، لَتَصْنَعَنَّ هَذَا الْأَمْرَ سِرًّا، وَلَيَكُونَنَّ فِيهِ بَلَاءٌ؛ قَالَ: فَنَشَرَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَنَاحًا مِنْ أَجْنِحَتِهِ، فَاخْتَلَسَ بِهِ أَبْصَارَهُمْ، فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ، فَجَعَلُوا يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ ": {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: 37]