وَقَوْلُهُ: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةً بَيْنَهُمْ} [القمر: 28] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: نَبِّئْهُمْ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةً بَيْنَهُمْ، يَوْمَ غِبِّ النَّاقَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ تَرِدُ الْمَاءَ يَوْمًا، وَتَغِبُّ يَوْمًا، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِصَالِحٍ: أَخْبِرْ قَوْمَكَ مِنْ ثَمُودَ أَنَّ الْمَاءَ يَوْمَ غِبِّ النَّاقَةِ قِسْمَةً بَيْنَهُمْ، فَكَانُوا يَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ يَوْمَ غِبِّهَا، فَيَشْرَبُونَ مِنْهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَيَتَزَوَّدُونَ فِيهِ مِنْهُ لِيَوْمِ وُرُودِهَا وَقَدْ وَجَّهَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةً بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّاقَةِ يَوْمًا لَهُمْ وَيَوْمًا لَهَا، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قِيلَ بَيْنَهُمْ، وَالْمَعْنَى: مَا ذَكَرْتَ عِنْدَهُمْ، لِأَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَرَادَتِ الْخَبَرَ عَنْ فِعْلِ جَمَاعَةِ بَنِي آدَمَ مُخْتَلِطًا بِهِمُ الْبَهَائِمُ، جَعَلُوا الْفِعْلَ خَارِجًا مَخْرَجَ فِعْلِ -[143]- جَمَاعَةِ بَنِي آدَمَ، لِتَغْلِيبِهِمْ فِعْلَ بَنِي آدَمَ عَلَى فِعْلِ الْبَهَائِمِ