الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} [القمر: 10] وَهَذَا وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَتَهْدِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَسَائِرِ مَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ، وَتَقَدَّمَ مِنْهُ إِلَيْهِمْ إِنْ هُمْ لَمْ يُنِيبُوا مِنْ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ، أَنَّهُ مُحِلٌّ بِهِمْ مَا أَحَلَّ بِالْأُمَمِ الَّذِينَ قَصَّ قِصَصَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ الْهَلَاكِ وَالْعَذَابِ، وَمُنْجٍ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ، كَمَا نَجَّى مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلَ وَأَتْبَاعَهُمْ مِنْ نِقَمِهِ الَّتِي أَحَلَّهَا بِأُمَمِهِمْ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَّبَتْ يَا مُحَمَّدُ قَبْلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَّبُوكَ مِنْ قَوْمِكَ، الَّذِينَ إِذَا رَأَوْا آيَةً أَعْرَضُوا وَقَالُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، قَوْمُ نُوحٍ، فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا نُوحًا إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَيْهِمْ، كَمَا كَذَّبَتْكَ قُرَيْشٌ إِذْ أَتَيْتَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا وَقَالُوا: هُوَ