القول في تأويل قوله تعالى: وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغن النذر يقول تعالى ذكره: وكذب هؤلاء المشركون من قريش بآيات الله بعد ما أتتهم حقيقتها، وعاينوا الدلالة على صحتها برؤيتهم القمر منفلقا

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} [القمر: 4] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَذَّبَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ بِآيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ مَا أَتَتْهُمْ حَقِيقَتُهَا، وَعَايَنُوا الدِّلَالَةَ عَلَى صِحَّتِهَا بِرُؤْيَتِهِمُ الْقَمَرَ مُنْفَلِقًا فِلْقَتَيْنِ {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 14] يَقُولُ: وَآثَرُوا اتِّبَاعَ مَا دَعَتْهُمْ إِلَيْهِ أَهْوَاءُ أَنْفُسِهِمْ مِنْ تَكْذِيبِ ذَلِكَ عَلَى التَّصْدِيقِ بِمَا قَدْ أَيْقَنُوا صِحَّتَهُ مِنْ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَقِيقَةِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ رَبِّهِمْ وَقَوْلُهُ: {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقَرٌّ} [القمر: 3] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكُلُّ أَمْرٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ مُسْتَقَرٌّ قَرَارَهُ، وَمُتَنَاهٍ نِهَايَتَهُ، فَالْخَيْرُ مُسْتَقِرٌّ بِأَهْلِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّرُّ مُسْتَقِرٌّ بِأَهْلِهِ فِي النَّارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015