حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الحجرات: 14] قَالَ: «إِنْ تَصْدُقُوا إِيمَانَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْكُمْ» وَقَرَأَتْ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ {لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ} [الحجرات: 14] بِغَيْرِ هَمْزٍ وَلَا أَلِفٍ، سِوَى أَبِي عَمْرٍو، فَإِنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ (لَا يَأْلِتْكُمْ) بِأَلِفٍ اعْتِبَارًا مِنْهُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21] فَمَنْ قَالَ: أَلَتَ قَالَ: يَأْلِتُ -[394]- وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا ذَلِكَ مَنْ لَاتَ يَلِيتُ، كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
وَلَيْلَةٍ ذَاتِ نَدَى سَرَيْتُ ... وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ، مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ {لَا يَلِتْكُمْ} [الحجرات: 14] بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَا هَمْزٍ، عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ: لَاتَ يَلِيتُ، لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: إِجْمَاعُ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا وَالثَّانِيَةُ أَنَّهَا فِي الْمُصْحَفِ بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَلَا تَسْقُطُ الْهَمْزَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ، وَالْهَمْزَةُ إِذَا سَكَنَتْ ثَبَتَتْ، كَمَا يُقَالُ: تَأْمُرُونَ وَتَأْكُلُونَ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ إِذَا سَكَنَ مَا قَبْلَهَا، وَلَا يُحْمَلُ حَرْفٌ فِي الْقُرْآنِ إِذَا أَتَى بِلُغَةٍ عَلَى آخَرَ جَاءَ بِلُغَةٍ خِلَافِهَا إِذَا كَانَتِ اللُّغَتَانِ مَعْرُوفَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَلَتَ وَلَاتَ لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ مِنْ كَلَامِهِمْ