وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} [الحجرات: 11] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَلَا يَطْعَنُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ؛ وَقَالَ: {لَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} [الحجرات: 11] فَجَعَلَ اللَّامِزَ أَخَاهُ لَامِزًا نَفْسَهُ، لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَلْزَمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنْ تَحْسِينِ أَمْرِهِ، وَطَلَبِ صَلَاحِهِ، وَمَحَبَّتِهِ الْخَيْرَ وَلِذَلِكَ رُوِيَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُؤْمِنُونَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ فَإِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ» وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضِ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] بِمَعْنَى: وَلَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ