القول في تأويل قوله تعالى: ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ولله جنود السموات والأرض وكان الله عزيزا حكيما يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ وَلِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، وَلِيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ، بِفَتْحِ اللَّهِ لَكَ يَا مُحَمَّدُ، مَا فَتَحَ لَكَ مِنْ نَصْرِكَ عَلَى مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، فَيُكْبَتُوا لِذَلِكَ وَيَحْزَنُوا، وَيَخِيبُ رَجَاؤُهُمُ الَّذِي كَانُوا يَرْجُونَ مِنْ رُؤْيَتِهِمْ فِي أَهْلِ الْإِيمَانِ بِكَ مِنَ الضَّعْفِ وَالْوَهَنِ وَالتَّوَلِّي عَنْكَ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، وَصِلِيِّ النَّارِ وَالْخُلُودِ فِيهَا فِي آجِلِ الْآخِرَةِ {وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} [الأحزاب: 73] يَقُولُ: وَلِيُعَذِّبَ كَذَلِكَ أَيْضًا الْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ} [الفتح: 6] أَنَّهُ لَنْ يَنْصُرَكَ وَأَهْلَ الْإِيمَانِ بِكَ عَلَى أَعْدَائِكَ، وَلَنْ يُظْهِرَ كَلِمَتَهُ فَيَجْعَلَهَا الْعُلْيَا عَلَى كَلِمَةِ الْكَافِرِينَ بِهِ، وَذَلِكَ كَانَ السُّوءُ مِنْ ظُنُونِهِمُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ، وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الَّذِينَ ظَنُّوا هَذَا الظَّنَّ دَائِرَةُ السَّوْءِ، يَعْنِي دَائِرَةَ الْعَذَابِ تَدُورُ عَلَيْهِمْ بِهِ وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ {دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98] بِفَتْحِ السِّينِ وَقَرَأَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ (دَائِرَةُ السُّوءِ) بِضَمِّ السِّينِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015