أَنْتُمْ قَبْلَ «هَا» ، لِأَنَّ هَا جَوَابٌ فَلَا تُقَرَّبُ بِهَا بَعْدَ الْكَلِمَةِ وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: جُعَلَ التَّنْبِيهُ فِي مَوْضِعَيْنِ لِلتَّوْكِيدِ وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد: 38] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَنْ يَبْخَلْ بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ بُخْلِ نَفْسِهِ، لِأَنَّ نَفْسَهُ لَوْ كَانَتْ جَوَادًا لَمْ تَبْخَلْ بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَكِنْ كَانَتْ تَجُودُ بِهَا {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} [محمد: 38] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا حَاجَةَ لِلَّهِ أَيُّهَا النَّاسُ إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَلَا نَفَقَاتِكُمْ، لِأَنَّهُ الْغَنِيُّ عَنْ خَلْقِهِ وَالْخَلْقُ الْفُقَرَاءُ إِلَيْهِ، وَأَنْتُمْ مِنْ خَلْقِهِ، فَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا حَضَّكُمْ عَلَى النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِهِ، لِيُكْسِبَكُمْ بِذَلِكَ الْجَزِيلَ مِنْ ثَوَابِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ