وَقَوْلُهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [النحل: 108] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ لِلْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 14] يَقُولُ: وَرَفَضُوا أَمْرَ اللَّهِ، وَاتَّبَعُوا مَا دَعَتْهُمْ إِلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ، فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ إِلَى حَقِيقَةٍ وَلَا بُرْهَانٍ، وَسَوَّى جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيْنَ صِفَةِ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، فِي أَنَّ جَمِيعَهُمْ إِنَّمَا يَتَّبِعُونَ فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ فِرَاقِهِمْ دِينَ اللَّهِ، الَّذِي ابْتَعَثَ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْوَاءَهُمْ، فَقَالَ فِي هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا -[205]- أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 16] وَقَالَ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ، وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 14]